القاضي يقر دعوى المؤلفين ضد 'ميتا'

جوهر الادعاءات

تواجه مجموعة من المؤلفين، من بينهم أسماء بارزة مثل ريتشارد كادري، وكريستوفر جولدن، وتا-نيهيسي كوتس، والممثلة الكوميدية سارة سيلفرمان، شركة التكنولوجيا العملاقة ‘ميتا’ في معركة قانونية يمكن أن تشكل سابقة مهمة لتقاطع الذكاء الاصطناعي وقانون حقوق الطبع والنشر. في صميم القضية الادعاء بأن ‘ميتا’ استخدمت مواد محمية بحقوق الطبع والنشر من كتب المؤلفين، دون موافقتهم، لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي LLaMA الخاص بها. يجادل المدعون بأن هذا الاستخدام غير المصرح به لملكيتهم الفكرية يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوقهم.

يؤكد المؤلفون أن تصرفات ‘ميتا’ لم تكن مجرد حالة إشراف أو انتهاك غير مقصود. ويؤكدون أن بعض ردود LLaMA تم استخلاصها مباشرة من أعمالهم المنشورة، مما سمح لـ ‘ميتا’ بشكل فعال بالاستفادة من مساعيهم الإبداعية دون تعويض أو إسناد مناسب. ويدعون أن هذا الاستخدام غير المصرح به يثري ‘ميتا’ على حساب المؤلفين الذين كرسوا وقتهم وجهدهم وموهبتهم لإنشاء الأعمال الأصلية.

مسألة معلومات إدارة حقوق الطبع والنشر (CMI)

بالإضافة إلى الاستخدام المباشر للمواد المحمية بحقوق الطبع والنشر، تثير الدعوى نقطة أخرى مهمة: الإزالة المزعومة لمعلومات إدارة حقوق الطبع والنشر (CMI). تتضمن CMI عناصر مثل أرقام ISBN ورموز حقوق الطبع والنشر وإخلاء المسؤولية - وهي في الأساس البيانات الوصفية التي تحدد العمل على أنه محمي بموجب حقوق الطبع والنشر. يتهم المدعون ‘ميتا’ بتجريد هذه المعلومات عمدًا في محاولة لإخفاء استخدامها للمواد المحمية بحقوق الطبع والنشر.

تمثل إزالة CMI، إذا ثبتت، جانبًا أكثر خبثًا من الانتهاك المزعوم. يشير ذلك إلى وجود جهد واعٍ لإخفاء أصول البيانات المستخدمة لتدريب نموذج LLaMA، مما قد يجعل من الصعب على أصحاب حقوق الطبع والنشر اكتشاف الاستخدام غير المصرح به لأعمالهم والطعن فيه. يؤكد هذا الجانب من القضية على تحديات حماية الملكية الفكرية في عصر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سريعة التطور.

حكم القاضي تشابريا: ضوء أخضر للقضية

محاولات ‘ميتا’ لرفض القضية باءت بالفشل حتى الآن. في حكم صدر يوم الجمعة، صرح القاضي فينس تشابريا بشكل قاطع أن “انتهاك حقوق الطبع والنشر هو بوضوح ضرر ملموس كافٍ لإثبات الأهلية”. يؤكد هذا البيان حق المؤلفين في اتخاذ إجراء قانوني ضد ‘ميتا’، بناءً على المبدأ الأساسي القائل بأن انتهاك حقوق الطبع والنشر يسبب ضررًا ملموسًا لصاحب الحقوق.

أقر القاضي تشابريا أيضًا بحجة المدعين فيما يتعلق بإزالة CMI، مشيرًا إلى أن هناك “استنتاجًا معقولًا، وإن لم يكن قويًا بشكل خاص، بأن ‘ميتا’ أزالت CMI لمحاولة منع LLaMA من إخراج CMI وبالتالي الكشف عن أنه تم تدريبه على مواد محمية بحقوق الطبع والنشر”. يضفي هذا البيان مصداقية على ادعاء المؤلفين بأن ‘ميتا’ لم تكن مجرد مهملة ولكن ربما سعت بنشاط لإخفاء استخدامها للأعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر.

رفض جزئي: مطالبة CDAFA

بينما سمح القاضي بالمضي قدمًا في مطالبات انتهاك حقوق الطبع والنشر الأساسية، فقد رفض جانبًا واحدًا من الدعوى يتعلق بقانون الوصول والاحتيال الشامل لبيانات الكمبيوتر في كاليفورنيا (CDAFA). جادل المدعون بأن تصرفات ‘ميتا’ انتهكت CDAFA، لكن القاضي تشابريا حكم بأن هذا الادعاء غير قابل للتطبيق لأن المؤلفين لم “يدعوا أن ‘ميتا’ وصلت إلى أجهزة الكمبيوتر أو الخوادم الخاصة بهم - فقط بياناتهم”.

يسلط هذا التمييز الضوء على الطبيعة المحددة لـ CDAFA، التي تركز على الوصول غيرالمصرح به إلى أنظمة الكمبيوتر بدلاً من الاستخدام غير المصرح به للبيانات نفسها. في حين أن رفض هذا الادعاء بالذات يمثل انتكاسة طفيفة للمدعين، إلا أنه لا يقلل من أهمية ادعاءات انتهاك حقوق الطبع والنشر الأساسية التي تظل في صميم القضية.

السياق الأوسع: موجة من دعاوى حقوق الطبع والنشر للذكاء الاصطناعي

المعركة القانونية بين المؤلفين و’ميتا’ ليست حادثة معزولة. إنها جزء من موجة متزايدة من الدعاوى القضائية التي تتحدى استخدام المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. يواجه العديد من اللاعبين الرئيسيين في صناعة الذكاء الاصطناعي تحديات قانونية مماثلة، مما يعكس صراعًا أوسع لتحديد حدود قانون حقوق الطبع والنشر في سياق الذكاء الاصطناعي.

  • The New York Times ضد OpenAI و Microsoft: رفعت الصحيفة الشهيرة دعوى قضائية ضد OpenAI و Microsoft، زاعمة أن ملايين المقالات الخاصة بها قد استخدمت دون إذن لتدريب روبوتات الدردشة.
  • News Corp. ضد Perplexity: رفعت المجموعة الإعلامية، المالكة لمنافذ مثل The Wall Street Journal و Fox News، دعوى قضائية ضد Perplexity، وهي شركة ناشئة في مجال البحث بالذكاء الاصطناعي، لاستخدامها المزعوم لمحتواها دون إذن.
  • مؤسسات إخبارية كندية ضد OpenAI: انضمت العديد من المؤسسات الإخبارية الكندية الكبيرة إلى المعركة، حيث رفعت دعوى قضائية ضد OpenAI بشأن استخدام موادها المحمية بحقوق الطبع والنشر.

هذه القضايا، إلى جانب دعوى المؤلفين ضد ‘ميتا’، تؤكد التوتر المتزايد بين التقدم السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والمبادئ الراسخة لقانون حقوق الطبع والنشر. يمكن أن يكون لنتائج هذه المعارك القانونية آثار بعيدة المدى على مستقبل تطوير الذكاء الاصطناعي وحماية حقوق الملكية الفكرية.

سابقة Thomson Reuters ضد Ross Intelligence

يضيف الحكم الأخير لصالح Thomson Reuters في دعوى قضائية مماثلة تتعلق بحقوق الطبع والنشر للذكاء الاصطناعي طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد القانوني. في هذه القضية، رفض قاضٍ ادعاء Ross Intelligence بالاستخدام العادل، بحجة أن تصرفات شركة الذكاء الاصطناعي قد أثرت سلبًا على القيمة السوقية للمواد المحمية بحقوق الطبع والنشر لشركة Thomson Reuters.

يمكن أن تكون هذه السابقة ذات صلة بقضية المؤلفين ضد ‘ميتا’، خاصة إذا تمكن المدعون من إثبات أن استخدام ‘ميتا’ لعملهم قد قلل من قيمته التجارية. تسلط قضية Thomson Reuters الضوء على أهمية النظر في التأثير الاقتصادي لتدريب الذكاء الاصطناعي على أصحاب حقوق الطبع والنشر، مما يضيف بعدًا حاسمًا إلى الجدل حول الاستخدام العادل والذكاء الاصطناعي.

تحدي تعريف “الاستخدام العادل” في عصر الذكاء الاصطناعي

مفهوم “الاستخدام العادل” هو محور العديد من نزاعات حقوق الطبع والنشر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. الاستخدام العادل هو مبدأ قانوني يسمح بالاستخدام المحدود للمواد المحمية بحقوق الطبع والنشر دون إذن في ظل ظروف معينة، مثل النقد أو التعليق أو التقارير الإخبارية أو التدريس أو المنح الدراسية أو البحث. ومع ذلك، فإن تطبيق الاستخدام العادل على تدريب الذكاء الاصطناعي هو مجال معقد ومتطور من القانون.

غالبًا ما تجادل شركات الذكاء الاصطناعي بأن استخدامها للمواد المحمية بحقوق الطبع والنشر لأغراض التدريب يشكل استخدامًا عادلاً، مدعية أنه تحويلي ويخدم مصلحة عامة من خلال تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. من ناحية أخرى، يجادل أصحاب حقوق الطبع والنشر بأن هذا الاستخدام ليس تحويليًا، ولا يخدم غرضًا مشروعًا للاستخدام العادل، ويضر بقدرتهم على التحكم في أعمالهم والربح منها.

تتصارع المحاكم الآن مع تحدي تحديد حدود الاستخدام العادل في هذا السياق الجديد. سيكون للقرارات التي يتوصلون إليها تأثير كبير على مستقبل تطوير الذكاء الاصطناعي، وتشكيل التوازن بين الابتكار وحماية الملكية الفكرية.

الآثار المترتبة على مستقبل الذكاء الاصطناعي وحقوق الطبع والنشر

المعارك القانونية حول الذكاء الاصطناعي وحقوق الطبع والنشر لا تتعلق فقط بالدعاوى القضائية الفردية؛ إنها تتعلق بتشكيل مستقبل كل من تطوير الذكاء الاصطناعي وحماية الأعمال الإبداعية. من المرجح أن تؤثر نتائج هذه القضايا على كيفية تعامل شركات الذكاء الاصطناعي مع استخدام المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر، وكيف يحمي أصحاب حقوق الطبع والنشر حقوقهم، وكيف يعالج المشرعون والمنظمون التحديات التي تفرضها هذه التكنولوجيا سريعة التطور.

إذا حكمت المحاكم لصالح أصحاب حقوق الطبع والنشر، فقد يؤدي ذلك إلى لوائح أكثر صرامة بشأن استخدام المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر في تدريب الذكاء الاصطناعي، مما قد يتطلب من شركات الذكاء الاصطناعي الحصول على تراخيص أو دفع إتاوات مقابل استخدام هذه المواد. قد يؤدي هذا إلى زيادة تكلفة وتعقيد تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، ولكنه سيوفر أيضًا حماية وتعويضًا أكبر للمبدعين.

من ناحية أخرى، إذا كانت المحاكم تفضل شركات الذكاء الاصطناعي، فقد يشجع ذلك على استخدام أوسع للمواد المحمية بحقوق الطبع والنشر في تدريب الذكاء الاصطناعي، مما قد يؤدي إلى تسريع وتيرة تطوير الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى إضعاف حماية حقوق الطبع والنشر ويجعل من الصعب على المبدعين التحكم في أعمالهم والربح منها.

تعد المعارك القانونية الجارية خطوة حاسمة في اجتياز هذا المشهد المعقد وإيجاد توازن يعزز كلاً من الابتكار وحماية الملكية الفكرية. سيكون للقرارات التي يتم التوصل إليها في هذه القضايا عواقب بعيدة المدى على مستقبل الذكاء الاصطناعي والصناعات الإبداعية والاقتصاد الرقمي الأوسع. النقاش لم ينته بعد، والمخاطر كبيرة على جميع المعنيين.